عقد فرع اتحاد كتاب المغرب بالناظور مساء الجمعة فاتح يناير2016 بدار الأم للتربية والتكوين لقاء أدبيا حول كتاب:"تحولات في النص والمنهج:قراءات في تجارب شعرية ونقدية مغربية معاصرة" للناقد الدكتور عبد الله شريق بمشاركة الباحثين:د. يحيى عمارة ود.عيسى الدودي.
استهل اللقاء بكلمة ترحيبية للدكتور نورالدين أعراب الطريسي ،مسير اللقاء، أعرب فيها عن شكره للحضور والمشاركين كما عرّف فيها بالناقد عبد الله شريق العضو الفاعل في اتحاد كتاب المغرب . يعد من أهم النقاد الذين أثروا الساحة النقدية المغربية منذ فترة طويلة. له حضور وازن على المستويين المغربي والعربي برصيد من الأعمال والمؤلفات النقدية، منها: إشكاليات وتجليات ثقافية في الريف المغربي (كتاب مشترك 1993) ـ في حداثة النص الشعري(1995) ـ في شعرية قصيدة النثر(2003) ـ كتاب مشترك حول الأوضاع الاجتماعية والثقافية للمهاجرين المغاربة ـ تاريخ الأدب الأمازيغي (مدخل نظري) ـ إشكالية المنهج في نقد الشعر المغربي المعاصر ( من خلال تجارب النقد المرجعي ـ 2014) إضافة إلى الكتاب المحتفى به الذي رصد فيه التحولات على مستوى النص الشعري والمنهج النقدي.
بعده قدم الدكتور يحيى عمارة مداخلة موسومة ب "الخطاب النقدي عند الناقد عبد الله شريق" . استهلها بالحديث عن الصعوبة التي واجهته في الإحاطة بأفكار الكتاب لكونه يزخر بالعديد منها وبإشكاليات عميقة في باب النقد نصا ومنهجا حيث كل سطر يحمل تصورا نقديا وعملا دقيقا وضبطا للمفاهيم النقدية . للكتاب محاسن لا يمكن للدارس والمتتبع للنقد المغربي ألا يطلع عليه فضلا أنه يحاول أن يموضع دراسة الأدب والشعر على مستوى من التحليل يرتفع على المستويات التاريخية والتوثيقية ... وكذا احتفاؤه بالشعر الأمازيغي والعربي معا.
ومن مزايا الناقد:
ــ إلزام نفسه بضبط منهجي ومعرفي من خلال اطلاعه الواسع على معطيات المناهج وتصوراتها النظرية...
ــ احترام المبادئ والقواعد الضابطة للقراءة النقدية: ملاءمة المصطلح للمدلول ، سياق المفهوم...
ــ التشبث بالشمولية النقدية التي تلغي المحلية والإقليمية والجهوية و لكنها لا تلغي النصوص..
ــ طرح الإشكالية ومحاولة الإجابة عنها وتقديم الحجج والبراهين..
ــ رؤيته النقدية تعتمد الدقة والعمق والتحديد والمعرفة..
ــ الانفتاح على المرجعية المغربية التراثية إلى جانب المناهج النقدية الحديثة..
وأكد الأستاذ أن الكتاب يندرج ضمن نظرية الأدب المغربي حيث يهتم بالنص الشعري اعتمادا على النقد الشعري، وبالمنهج اعتمادا على نقد النقد . وقد وفق بينهما في التصور المناصر لما هو حداثي كما يعترف ضمنيا بما هو تقليدي ورومانسي. الكتاب يشكل حلقة وصل بين الأدب المغربي المكتوب بالعربية والمكتوب بالأمازيغية. وقد طرح صاحبه مجموعة من المقترحات التحديثية للنهوض بالشعر الأمازيغي. كما أن من خصائص هذا الكتاب:التوثيق بالمرجعيات، الاستمداد من نظريات مختلفة: البنيوية بمختلف تياراتها ومدارسها ـ الشكلانية ـ جمالية التلقي ...،واعتماد النقد المنفتح على الأجيال والتجارب الشعرية والتجارب النقدية المغربية..
وختم الأستاذ يحيى عمارة مداخلته بملاحظتين:
ــ تعامل الناقد مع الشعر كصورة وإيقاع ورمز وتفاعل ورمز ورؤيا..
ــ تميزه بمعرفته وأحكامه ومنهجيته..
أما الدكتور عيسى الدودي فقد شارك بمداخلة عنوانها:" مشهد نقد الشعر المغربي من خلال كتاب: تحولات في النص والمنهج للدكتور عبد الله شريق" استهلها بتقديم مجموعة من الملاحظات حول حركة النقد الشعري:
ــ بداية هذا النقد ترجع إلى ما بعد الاستقلال مباشرة أي أواخر الستينيات ( البداية الحقيقية).
ــ نشاطها في وسطين مهمين: الوسط الصحفي من خلال الجرائد والمجلات ، والوسط الجامعي من خلال الدراسات والأبحاث الجامعية..
ــ حركة أفراد قبل أن تكون حركة تيارات ومجموعات..
ــ مواكبة النزاعات والصراعات السياسية والإيديولوجية..
ــ ليست حركة ممتدة تسير في خط مستقيم وإنما عرفت توقفات..
وقد عرفت مناهج النقد الشعري تحولات:
البداية كانت مع كتابات ذات طابع تأثري ثم ظهر النقد الواقعي في السبعينات حيث تبلور مع التيار الاشتراكي والأصوات الداعية للالتزام ، وبعدئذ برز النقد الإسلامي أواخر السبعينيات لكنه ساد لفترة محدودة وبأقلام محدودة أيضا. وبعده النقد البنيوي والسيميولوجي المهتم بالشكل ثم النقد التفاعلي وجمالية التلقي.وفيما يخص النظر والتموقف من الشعر المعاصر يمكن فرز ثلاثة مواقف:
1 ــ موقف تقليدي محافظ يرفض إدخال تعديلات على الشعر المغربي القديم؛
2 ــ موقف توفيقي يقبل قصيدة التفعيلة ويرفض قصيدة النثر؛
3 ــ موقف حداثي : أكثر انفتاحا على هذه التجربة. آمن بالتغيير واعتبر قصيدة النثر معبرة عن طبيعة المرحلة..
وبعده رصد المقاربات النقدية التي عرفها نقد الشعر المغربي والتي أجملها في : القراءة الذوقية ـ القراءة الواقعية (إدريس الناقوري ـ عبد الله راجع ـ نجيب العوفي..)القراءة الإسلامية ( حسن الأمراني ، علي لغزيوي...) ، وكذا القراءة البوطيقية السيميولوجية ثم القراءة التفاعلية التي ركزت على المتلقي بدل النص (حميد لحميداني ، محمد العمري...) وبعد تفصيل وشرح هذه المواقف والاستدلال عليها توقف عند أعلام ونقاد مغاربة أمثال عبد الله كنون،عباس الجراري ونجيب العوفي مقاربا مناهجهم النقدية وتصوراتهم حول الأدب والشعر.. وفي الأخير خلص بأن الكتاب لا يمكن الاستغناء عنه في دراسة الأدب المغربي.
وبعدئذ أعطيت الكلمة للناقد الدكتور عبد الله شريق الذي شكر الإخوة في فرع اتحاد كتاب المغرب وكذا الأساتذة المشاركين والحضور. اعتبر كتابه مساهمة ضمن مساهمات عديدة الهدف منه قراءة الشعر والنقد المغربيين إيمانا منه أن الأدب المغربي ينبغي أن يدرس في أوجهه ولغاته المتعددة: الأمازيغية، العربية ، الحسانية، الفرنسية والاسبانية . وأكد أن الأدب فعالية ثقافية وفنية ضرورية للإنسان الذي هو في حاجة إلى قيم إنسانية وروحية. واعتبر النقد تحليلا وتأويلا للنص وليس إسقاطا لأحكام على النص، إذ لابد من التركيز على النص لإبراز دلالاته الباطنية واستبعاد سياق النص ومحيطه . وأكد على أن الكتابة الأدبية تحتاج إلى ثقافة واسعة وتجارب في الحياة والكتابة ...
وبعده تعاقب على المنصة مجموعة من أصدقائه ومتتبعيه للإدلاء بشهاداتهم في حق المحتفى به فتحدثوا عن علاقاته الإنسانية والأخوية ودوره، إلى جانب الحسين القمري ومحمد أقضاض وقيس مرزوق الورياشي، في تنشيط الحياة الثقافية داخل المدينة والتأثير الثقافي الذي مارسه على الأجيال الصاعدة من خلال النصائح والتتبع لإنتاجاتهم بالتقد والتوجيه والتشجيع... وغيرها .
وفي الأخير قدمت الشهادات التقديرية للمشاركين والمحتفى به الذي وقع مجموعة من نسخ الكتاب للقراء مجانا مع أخذ صور تذكارية تؤرخ لهذه اللحظة المائزة التي سجلها فرع الاتحاد بالناظور العامرة.
تعليقات:
